الصفحة الرئيسية  رياضة

رياضة أحمد الشاهد (بطل سابق في رياضة الجمباز) يمزّق صمت سنوات: لا يشرّّفني العمل في منظومة رياضية يحاصرها الفساد

نشر في  25 جوان 2014  (15:25)

الصدفة وحدها جعلتنا نتعرّف على نجم تونس أيام الزمن الجميل في رياضة الجمباز ونعني به البطل أحمد الشاهد الذي شدّنا بحسّه الوطني وأخلاقه العالية، لذلك إستدرجناه لينزل ضيفا على «أخبار الجمهورية» في حوار إمتزجت فيه الرياضة بالسّياسة وتكلّم فيه ضيفنا بجرأة نادرة، فكانت هذه المصافحة التي كشف من خلالها أحمد الشاهد خفايا وأسرار لا يعلمها عامّة النّاس،«توب» إلى الحوار:

n سي أحمد الشاهد نجم سابق في رياضة الجمباز ثم ماذا؟

أحمد الشاهد لاعب سابق في رياضة الجمباز من سنة 1959 إلى 1976، والتحقت بالمنتخب الوطني من سنة 1965 إلى 1976، علاوة عن ذلك درّبت منتخب الأداني ثمّ الأصاغر فالمنتخب الوطني للأكابر وكذلك المنتخب العربي الذي يضمّ قرابة 12 دولة عربية..

n شرّفت تونس بامتياز ممّا جعل الزعيم الرّاحل الحبيب بورقيبة يكرمك أكثر من مناسبة ( حسب الصّور المعلقة في مكتبه)، لماذا لم توظّف خبرتك الطّويلة لخدمة هذه الرياضة؟

حاولت قدر المستطاع أن أخدم رياضة الجمباز التي صنعت إسمي ولها العديد من الأفضال تجاهي، لكنّي وللأسف اكتشفت لاحقا أن سياسة الدّولة التي تعكّرت زيادة عن اللّزوم بعد حكم بن علي أن السياسة الرياضية لا مكان لها في الدّولة التونسية وعوّضت بسياسة «سدّان النّقب»..
والدليل على ما أقوله لو كانت عندنا في تونس سياسة رياضية لكان لنا أكثر من أسامة الملّولي وأنيس الونيفي ومحمد القمودي غيرهم من الابطال خاصّة وأنّ المادة الخام موجودة في تونس، لكن في ظلّ تعامل الدولة مع الرّياضة بشكل عام بنوع من اللّامبالاة فمن الطبيعي أن يتأخّر ركب الرّياضة التونسية وتنفر منها الكفاءات..

n لما كلّ هذا التشاؤم؟

طبيعي أن أصاب بالتشاؤم والإحباط وأنا أشاهد في جلّ النّوادي في شتّى الرّياضيات «تشهق ما تلحق».. وأنا أشاهد تونس غير قادرة على إنجاب ملّولي أوقمودي أو نور الدين ديوة جديد..
وفي هذا السياق أعترف أنّ أسامة الملّولي على سبيل المثال لو لم تحتضنه أمريكا بعد أن إكتشفه ورسكله الفنيين التونسيين لما أصبح بطلا أولمبيا وعالميا.
وهنا أدعو كلّ من ينكر هذه الحقيقة أن يدلّني على لاعبا واحدا تحوّل الى بطل أولمبي أو عالمي وقع تكوينه في تونس..
في كلمة الرّياضة التونسية تعيش على الهامش وهو ما يحتّم على الدّولة منحها العناية والدّعم المادي اللازمين حتى يستطيع الرّياضيون لاحقا تشريف الرّاية الوطنية والتعريف بها ولعب دورهم في إستقطاب السواح وخدمة السّياحة التونسية عند التتويج بالألقاب والبطولات والميداليات..

n كنجم سابق في رياضة الجمباز، كيف عشت مرحلة الزّعيم الخالد الحبيب بورقيبة ثمّ زين العابدين بن علي وأخير محمد منصف المرزوقي الذي كرّمك منذ أشهر؟

في عهد الزّعيم الحبيب بورقيبة كانت مهمّتي على غرار محمد القمودي والملاكم المرحوم الحبيب قلعية وعبد القادر زدّام والمرحوم أحمد الزمال والمرحوم السباح علي الغربي التعريف بتونس ورفع رايتها عاليا في المحافل ادولية، لأن بورقيبة وقتها آمن أنّ ما تفعله الرياضة لا تقدر عليه السياحة وهو ما جعله يوفّر لنا العناية اللازمة لنشرّف البلاد وقد نجح الزعيم في سياسته..
أمّا بن علي فكانت سياسته واضحة وهي سياسة الرّومان قبل ميلاد سيّدنا عيسى عليه السلام بـ 5000 سنة، وهي سياسة «الخبز والفرجة والمتعة..»
بمعنى أن بن علي لم يمسّ المواطن في ثمن الخبزة ووفّر له «الشيخات» في الحفلات والمهرجانات والتلفزة وغيرهم من الاماكن، ومقابل ذلك كان في المناسبات الرياضية يحسن الركوب على الأحداث ويخرج للعموم ليستقبل أمثال البطل أسامة الملّولي ليعرّف بنفسه أمام العالم.. أمّا المرزوقي فرغم أنّ لا أعرفه فلمّا كرّمني منذ أشهر بحضور وزير الرياضة السابق طارق ذياب (انظر الصورة المصاحبة) احترمت منصبه كرئيس مؤقت للجمهورية وقبلت تكريمه وهو مشكور على ذلك.
n على ذكر الرّئيس السابق بن علي، قيل وإنّك تعرّضت لبطش نظامه، فما حقيقة ذلك؟
«صحيح ما فلّتنيش».. متاعبي مع بن علي انطلقت عندما توفيّ ابني في العشرين من عمره، وقتها طلبت من الحماية المدنية التدخل لتنتشل جثّة ابني الذي مات وهو ينقذ العباد من الغرق في البحر بصفته «عوّام» لكن الحماية المدينة رفضت وقتها القيام بمهمّتها وهو ما إضطرّني للقيام بوساطات لم يوافق عليها بن علي ومن وقتها «شدّلي قول» ومارس عليّ قمعه عبر الضّغط على شخصي بـ «الفيسك» و«CNSS» وشتّى أنواع واختصاصات الفرق الأمنية..
قبل أن يتهمّني سنة 1992 باطلا بكوني «خوانجي» وتمّ إيقافي لمدّة 45 يوما قبل أن يتمّ إخلاء سبيلي بعد أن أمضيت التزاما بألّا أنضمّ إلى أيّ حزب رغم أنّه لا علاقة لي بالأحزاب، ومع ذلك فإنّ بن علي كرئيس سابق أذاقني المرّ ومازلت لا أعرف الى يومنا هذا لما فعل معي كلّ هذا وأنا المواطن العادي؟
لكن الفرق بين شخصي المتواضع أنّي أعطيت الكثير الى تونس ولم أحصل على شيء، عكس بن علي الذي لم يعطيها شيء وأخذ منها كلّ شيء
n من هم أبطال جيلك الذين خذلتهم الايام لاحقا وقست عليهم الظروف؟
البطل الاولمبي حبيب قلعيّة رغم ما قدّمه لتونس فقد تنكر له الجميع ولم يحضر لتشييع جنازته إلّا بعض من عاشروه عن قرب ويعرفون ما قدمّه المرحوم للبلاد.. صراحة نكران الجميل أصبح «ماركة» تونسية خالصة حتى عند كلّ الحكومات التي مرّت على تونس.. أتدري لماذا؟
لأنّ عديد الاطراف بما فيهم عديد الوزراء القدامى والحاليين شعارهم «الدنيا مع الواقف» ولا همّ لهم إلّا كسب المنافع الشخصية وإفادة عائلتهم والمقربين منهم أما «الزّواولة» فليذهبوا للجحيم..
n ماهي رسالتك للحكومة الحالية؟
أدعو كلّ المسؤولين والوزراء ورئيس الجمهورية الحالي إلى إعطاء العناية اللازمة للرياضة حتى ينفض على الدولة مصاريف الدواء الذي يقع توريده لمعالجة المرضى الذين تورّطوا في آفات المجتمع.. نعم الرياضة هي أفضل دواء وهي القادرة على حماية الطفولة والشباب من الفساد..
في كلمة، آن الأوان لتستثمر الدولة في المجال الرياضي الذي أصبح يمثل أحد أعمدة الاقتصاد في عديد البلدان المتقدمة..
n لو تحكم لنا عن مرحلة طارق ذياب كوزير سابق للرياضة؟
طارق لم يكن بمفعوله أن يفعل شيئا في وزارة الرياضة لأنّ فاقد الشيء لا يعطيه..
n هناك من يتساءل، لماذا شخصية رياضية مثلك لا نشاهدها على رأس جامعة الجمباز فما هو ردّك؟
رغم أني لست من عشاق الكراسي ويشرّفني خدمة رياضة الجمباز في شتّى المواقع على غرار عديد الرّياضيين الاخرين، فإنّي لم أستطع الاندماج في هذه المنظومة التي يحكمها الدّخلاء والمتزلّفون والانتهازيون الذين لا يعطون قيمة لمصلحة الرياضة التونسيّة وعلمها..
لذلك أقول علنا، لا يشرّفني العمل بجانب هذه الطينة من المسؤولين والمسيّرين في رياضة يحاصرها الفساد والتلاعب من كلّ جهة.

حاوره: الصحبي بكار